نجاح أول عملية على مستوى العالم لزرع الخلايا الجذعية في جنين بشري

نظرياً... كانت لدى الطفلة إليانا فرصة ضئيلة جداً للبقاء على قيد الحياة!
فخلال الفحص بالموجات فوق الصوتية، أدرك الطبيب الذي يرعى والدة إليانا أن الجنين يعاني من اضطراب في الدم يسمى (ثلاسيميا ألفا الكبرى - alpha thalassemia major)؛ ولسوء الحظ فإن الأجنة المصابة بتلك الحالة المرضية عادةً ما تولد ميتة، أو تموت بعد الولادة بقليل.

الآن يمكننا علاج الأطفال الذين يعانون من أمراض وراثية باستخدام الخلايا الجذعية حتى قبل الولادة

ولكن الآن _وعلى خلاف المتوقع_فإن إليانا متواجدة الآن في منزلها وبرفقة والديها في هاواي، فبعد أربعة أشهر من عملية الزرع تلك وُلدت إليانا وهي تبدو في حالة صحية جيدة؛ كما أنها أصبحت أول جنين بشري على مستوى العالم يخضع لعملية ناجحة لزرع الخلايا الجذعية، وذلك في أول تجربة إكلينيكية من نوعها.

تعد الثلاسيميا ألفا الكبرى اضطرابا وراثيا يمنع الدم من إنتاج ما يكفي من بروتين الهيموجلوبين، وهو البروتين الذي لا تستطيع خلايا الدم الحمراء من دونه حمل الأكسجين بفعالية إلى خلايا الجسم.

وتُعاني الأجنة المصابة بثلاسيميا ألفا الكبرى من الإنتفاخ وتجمع السوائل بأجسامها، وفقر الدم الشديد وتضخم الأعضاء، والعديد من المشاكل الصحية الأخرى.

بشكل تقليدي، يقوم الأطباء بنقل كميات كبيرة من الدم إلى الأجنة المصابة بثلاسيميا ألفا الكبرى وهي بداخل الرحم، وذلك بدءاً من الثلث الثاني من الحمل.

وإذا نجحت عمليات النقل هذه ووُلد الطفل على قيد الحياة، فإنه يستمر في تلقي الدم لبقية حياته، أو يخضع لعملية زرع نخاع العظم _حيث يقوم الأطباء بسحب الخلايا الجذعية من نخاع عظم المتبرع_ في مرحلة ما خلال طفولتهم.

وتُعد عملية زرع نخاع العظم هي الحل الوحيد الذي يمكن أن يعالج ثلاسيميا ألفا الكبرى، ولكن من الصعب مضاهاة أنسجة المريض مع متبرع يناسبه، كما أن تلك العملية محفوفة بالمخاطر.

لكن في حالة إليانا، بدأ الأطباء في مستشفى Benioff للأطفال في سان فرانسيسكو بالطريقة القياسية لنقل الدم في الرحم؛ ولكن واحدة من عمليات نقل الدم تلك قد احتوت على شيء إضافي: خلايا الدم الجذعية المستخرجة من نخاع عظم أمها.

يقول الطبيب تيبي ماكنزي _الذي أجرى عملية زرع إليانا: "إننا نأمل أن تذهب هذه الخلايا الجذعية إلى النخاع العظمي، وأن تُنشئ خلايا حمراء سليمة يمكنها حمل الأكسجين ومعالجة فقر الدم الذي يعاني منه الجنين".

ووفقا لماكينزي فإنه يمكن للأطباء إجراء عمليات زرع الخلايا الجذعية لعلاج الأطفال الذين سيولدون مصابين بثلاسيميا ألفا الكبرى، ولكن الانتظار حتى الولادة يؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة.

وقالت: "إذا كنت تقوم بعملية زرع الخلايا الجذعية بعد الولادة، فعليك أن تعطي الطفل الكثير من الأدوية السامة من أجل إفساح المجال بداخل النخاع العظمي لكي يستقبل خلايا جذعية، وهو ما يمكن أن يتسبب في حدوث العديد من الأمراض".

ولأن الجنين أكثر تسامحًا مع خلايا أمه مقارنة بالطفل حديث الولادة، فيمكن للأطباء إجراء عملية الزرع دون أي قلق بشأن نظام مناعة الجنين وإمكانية رفضه للعلاج.

حتى الآن، يبدو أن نهج العلاج بالخلايا الجذعية في الرحم ناجح؛ فقد ولدت إليانا خلال الأسبوع 37 من الحمل، وكانت تعاني من نقص الوزن قليلاً.

كما
تشير كل الدلائل إلى كونها طفلة سليمة، ولكن ما زال من المبكر معرفة ما إذا كان العلاج بالخلايا الجذعية قد عالجها نهائياً من مرض ثلاسيميا ألفا الكبرى أم لا.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى