دراسة: حقن البكتيريا الموهَنة في الدم يُساعد الجهاز المناعي على مقاومة السرطان

أفادت دراسة حديثة أن حقن البكتيريا الموهَنة في مجرى الدم ربما يساهم في تحفيز الجهاز المناعي على مقاومة الأورام السرطانية.

حيث وجدت الدراسة أن أنوعًا مُعينة من البكتيريا_مثل السالمونيلا والكوليستريديوم والليستريا_يمكنها أن تحتشد بداخل خلايا السرطان.

وتعمل هذه البكتيريا على تعطيل نمو الخلايا السرطانية، بل وقد ينتهي الأمر بتدمير هذه الخلايا بشكل كامل.

حقن البكتيريا الموهَنة
دراسة: حقن البكتيريا الموهَنة في الدم تُساعد الجهاز المناعي على مقاومة السرطان

وقد ذكرت النتائج_التي نشرت في دورية Frontiers in Oncology_أن تلك البكتيريا الموهَنة _أو المُعطلة_يمكنها خلق إشارات كيميائية مع خلايا الورم السرطاني.

وينتج عن ذلك الاتصال الكيميائي تحفيز مناعة الجسم لمهاجمة الأورام السرطانية، إضافةً إلى فقدان خلايا السرطان القدرة على المقاومة.

وتشير الدراسة إلى أن العلماء ربما يستغلون تلك الآلية الجزيئية في علاج السرطان، وتوجيهها لتدمير العديد من الأورام السرطانية.

وذكر الباحثون أن تلك التقنية ليست بالجديدة، وإنما تناولها الجراح الأمريكي ويليام كولي (William Coley) بالفعل منذ أكثر من قرن.

حيث تمكن كولي من استخدام الحقن البكتيرية_المقتولة حراريًا_في علاج أنواع متعددة من السرطان؛ وهو ما أطلق عليه لاحقًا (علاج السرطان باستخدام سموم كولي).

وقد كانت تقنية (علاج السرطان بالبكتيريا) بمثابة مفاجئة مدوية للعلماء في عصر كولي.

أما الآن، يُحاول العلماء توظيف تلك التقنية باستخدام سلالات معينة من البكتيريا القادرة على اختراق وتدمير الخلايا السرطانية.

شملت التجارب مجموعة كبيرة من فئران المختبر، تم معالجتها جينيا لكي تُصاب بأورام الثدي والقولون والجلد، وغيرها من أنواع السرطان

ووجد الباحثون أن سلالات خاصة من السالمونيلا والكوليستريديوم والليستريا قد تمكنت من "غزو واستعمار" خلايا السرطان، وهو ما أدى إلى توقف نموها ومنع انتشارها.

يقول الباحث الإماراتي باسل الرمادي_المُشارك في الدراسة: "لقد وجدنا أن البكتيريا تستطيع إعادة برمجة الاستجابة المناعية للسرطان".

"إن ذلك يُساهم في إكساب الخلايا المناعية غير المتمايزة (innate immune cells) القدرة على مواجهة السرطان، باعتبارها خط الدفاع المناعي الأول".

ويضيف: "يعتمد السرطان خلال نموه على كبح مقاومة الجهاز المناعي له، وخلق أوعية دموية جديدة تحمل الغذاء والأكسجين إليه".

"ولكننا وجدنا أن بعض المواد البروتينية الموجود في البكتيريا يمكنها عكس هذا التأثير تمامًا، وهو ما يعوق نمو السرطان".

لقد اكتشف الباحثون أن البكتيريا لا تهاجم خلايا السرطان فحسب؛ وإنما ترسل إشارات مُحفزة إلى الخلايا الليمفاوية لكي تحيط بخلايا السرطان المُحملة بالبكتيريا، لتقوم بمهاجمتها وابتلاعها!

ثم تبدأ الخلايا الليمفاوية في هضم خلايا السرطان والتعرف على المُستضدات المميزة لها، ومن ثم تكتسب ذاكرة دائمة ضدها وتكون أجسامًا مضادة خاصة بها.

ويتوقع الباحثون أن تلك الذاكرة المناعية المُستحثة ربما تتفوق على العلاج الكيميائي والإشعاعي فيما يتعلق بعلاج السرطان.

ولكنهم يؤكدون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الصدد، والتأكد من سلامة السلالات البكتيرية المُستخدمة في العلاج.

فالدراسة المتأنية لخصائص السلالات البكتيرية تجعلهم يتفادون أي نتائج سلبية محتملة، وتٌساعدهم على تعزيز التأثير الإيجابي المطلوب.

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى