هل يرتبط استخدام السوفالدي بزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد؟ .. الإجابة بين الحقيقة والخيال

مقدمة

لقد أحدث إدخال الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) _ومن بينها السوفالدي_ ثورة في علاج من التهاب الكبد الوبائي. فاتباع العديد من البرتوكولات التي تعتمد على استخدام هذه الأدوية عن طريق الفم قد أثبت كفاءته كأحد مضادات الفيروسات الفعالة والآمنة للغاية في جميع فئات مرضى التهاب الكبد الوبائي _بما في ذلك الحالات المتقدمة من مرضى الكبد، وأولئك الذين عانوا من بعض المضاعفات الناتجة عن تليف الكبد مثل ارتفاع ضغط الدم البابي، أو الاستسقاء في حالات التليف غير المتكافئ.

استخدام السوفالدي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد .. بين الحقيقة والخيال

وقد أوصت التوجيهات الإرشادية الدولية بضرورة معالجة هؤلاء المرضى بشكل عاجل من خلال برتوكولات العلاج الخالية من الانترفيرون (IFN‐free therapy)، وقد تم بالفعل إعطاء الأولوية لهذه الحالات خلال السنوات 2 – 3 الأخيرة لتلقي العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) في معظم أنحاء العالم.

وقد ساعد هذا الاهتمام الواسع بعلاج فيروس الكبد سي في القضاء التام على الفيروس المسبب في مجموعة كبيرة من المرضى الذين يعانون من تليف الكبد المتقدم، مع وجود تقديرات كبيرة حول الفوائد الرئيسية التي يجب أن تتبع العلاج الفيروسي في هؤلاء المرضى، فيما يتعلق بالوقاية من المضاعفات مع تحسين جودة الحياة.

ومع ذلك، فإنه _حتى الآن_ لم نتمكن من قياس هذه الفوائد السريرية بدقة في مرض شديد التباين والتعقيد مثل تليف الكبد.

يُذكر أن برتوكولات العلاج السابقة التي كانت تعتمد في الأساس على الانترفيرون _كانت تستخدم بشكل أساسي لعلاج المرحلة المبكرة” من تليف الكبد_ لم تكن تصلح لعلاج المراحل المتقدمة في مرضى التليف الكبدي _الذين يتم علاجهم حاليًا باستخدام الأدوية المضادات للفيروسات المباشرة (DAAs) الفموية، حيث يتلقى العديد منهم العلاج في مرحلة متقدمة من المرض، والتي تعتبر “في حد ذاتها” من موانع العلاج بالانترفيرون. وعلاوة على ذلك ، فإن الخصائص الدوائية وآليات عمل الإنترفيرون والأدوية المضادة للفيروسات المباشرة مختلفة تمامًا.

وﮐﻣﺎ ذﮐرﻧﺎ أعلاه، ﻻ ﺗزال اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت حول اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺳرﯾرﯾﺔ ﺑﻌد العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) ﻣﺣدودة وﺗﺷﯾر إﻟﯽ ﻓﺗرة ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻗﺻﯾرة إﻟﯽ ﺣد ﻣﺎ.

وقد تم تقديم أدلة تشير إلى أن تحسن وظائف الكبد بعد العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) في العديد من المرضى. وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، ﻻ ﺗﺰال هﻨﺎك ﺑﻴﺎﻧﺎت ﻣﺤﺪودة ﺣﻮل اﻷﺛﺮ اﻟﻄﻮﻳﻞ اﻷﻣﺪ ﻟـلاستجابة الفيروسية المستمرة (SVR) ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮر اﻟﻤﺮض ومضاعفاته.

وفي حين أنه يتم إجراء عدد من دراسات الرصد في أجزاء مختلفة من العالم لجمع مجموعات كبيرة من المرضى القادرين على وصف الآثار السريرية للقضاء على فيروس سي HCV في المراحل المختلفة لتليف الكبد_ بشكل كاف؛ لتحديد أفضل الاستراتيجيات للتعامل مع المرضى بعد الشفاء من فيروس الكبد، إلا أنه قد أثير مؤخرا بشكل مكثف ومثير للجدل، زيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد في مرضى تليف الكبد الذين يستخدمون الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) الفموية، نتيجة بعض الدراسات الخلافية المثيرة للجدل.

وقد دفعت هذه النتائج مؤلفين آخرين لمراجعة مجموعة كبيرة من الدراسات السابقة للحصول على الصورة الكاملة.

حدوث انتكاسة لسرطان الكبد في مرضى فيروس الكبد سي الذي تم علاجهم باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)

يعرض هذا الجدول خلاصة التجارب التي أجريت ونتائجها:

اسم التجربة

نوع الدراسة

المرضى محل الدراسة

انتكاسة سرطان الكبد (HCC)

REIG

دراسة استعادية

58 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

27.6 % خلال 5.7 شهر من بداية العلاج

CONTI

دراسة استعادية

59 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

28.8 % خلال 24 أسبوع  بعد العلاج

POL

CO22 HEPATER

دراسة استباقية رصدية

189 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

78 (بدون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

12.7 %

20.5 %

CO12 CIRVIR

دراسة استباقية رصدية

13 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

66 (بدون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

7.7 %

46.9 %

CO23 CUPILT

دراسة استباقية رصدية

314 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

2.2 % خلال 7+/- 3 شهور بعد بداية العلاج

ZAVAGLIA

دراسة استعادية

31 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

3.2 % خلال 8 أشهر بعد بداية العلاج

YANG

دراسة استعادية

18 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

63 (بدون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

27.70 %

9.50 %

CABIBBO

تحليل تلوي (META- ANALYSIS) لـ 11 دراسة

701 (بدون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)) مريض تعافى من سرطان الخلايا الكبدية، ويعاني من التهاب الكبد الوبائي سي النشط

6 شهور: 7.4 %

12 شهر: 20 %

24 شهر: 47 %

PETTA

دراسة استعادية شملت عدد من البيانات المنشورة

328 مريض تعافى من سرطان الخلايا الكبدية، ويعاني من التهاب الكبد الوبائي سي النشط

57 مريض تعافى من سرطان الخلايا الكبدية، ويظهر استجابة بعد استخدام الانترفيرون

58 مريض تعافى من سرطان الخلايا الكبدية، ويظهر استجابة بعد استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة

43.3 % بعد متوسط 17 شهر

38.6 % بعد متوسط 34 شهر

27.6 بعد متوسط 18 شهر

CHEUNG

دراسة استعادية

29 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

6.29 % خلال 15 شهر من المتابعة

حدوث سرطان الكبد لأول مرة (DE NOVO) في مرضى فيروس الكبد سي الذي تم علاجهم باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)

يعرض هذا الجدول خلاصة التجارب التي أجريت ونتائجها:

اسم التجربة

نوع الدراسة

المرضى محل الدراسة

تطور سرطان الكبد (HCC) لأول مرة

CONTI

دراسة استعادية

285 (CHILD B 10%)

3.16 % خلال 24 أسبوع بعد العلاج

CHEUNG

دراسة استعادية

377 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)) منهم CHILD B 72.7%

CHILD C 10.1%)

261 (بدون استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

من 0 : 6 شهر:  3.9 %

  • 3.2 في حالة وجود استجابة للدواء و 5.7 % في حالة عدم وجود استجابة

من 6 : 15 شهر:  2.6 %

  • 1.9 % في حالة وجود استجابة للدواء و 4.5 % في حالة عدم وجود استجابة

من 0 : 6 شهر:  4.2 %

CARDOSO

دراسة استعادية

54 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)) منهم (CHILD B 35%)

7.4 % خلال 12 شهر

ROMANO

دراسة استباقية

3075 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs))

F3 27.7%

CHILD A 65.3%

CHILD B 7%

في حالة وجود استجابة مستمرة  92%

في حالة عدم وجود استجابة للدواء 8%

0.23 في 100 مريض-سنويا

1.64 في 100 مريض-سنويا

2.92 في 100 مريض-سنويا

1.115 في 100 مريض-سنويا

8.38 في 100 مريض-سنويا

NAHON

دراسة استباقية

167 (باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)) مع وجود استجابة مستمرة في جميع الحالات

1/ 167 مريض (0.6 %)

الخلاصة والتعقيب

شمل النقاش حول سرطان الخلايا الكبدية في مرضى فيروس الكبد سي HCV الذين تم علاجهم باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) مؤخرًا سيناريوهين سريريين متميزين:

  • المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي للإصابة بسرطان الكبد (HCC)
  • وهؤلاء الذي لم يكن تاريخ مرضي للإصابة بسرطان الكبد (HCC).

وقد نشأت هذه المناقشات والخلافات بشكل خاص في الإطار السابق، كنتيجة رئيسية للتنوع الكبير في البيانات المتاحة، والذي تم تبريره من خلال عدم التجانس الكبير في تصميم كل دراسة ومعايير الاختيار ووسائل التقييم والمتابعة ونوع العلاجات المستخدمة والأطر الزمنية بين علاج الورم والعلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)، وغيرها.

ولا يسمح هذا التباين _الذي تم تأكيده أيضًا في التاريخ الطبيعي للمرضى الذين لا يعالجون بالعلاج المضاد للفيروسات_ بإجراء تحليل متكامل موثوق به للبيانات المنشورة. لذا تظل المشكلة غير ثابتة إلى حد كبير وستتطلب المزيد من التقييم على أساس مستقبلي وكبير للحصول على توصيات قائمة على الأدلة من أجل العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) في مرضى فيروس الكبد سي (HCV) الذين لديهم تاريخ للإصابة سرطان الكبد.

وينبغي الإشارة إلى أن معظم الدراسات المنشورة أبلغت عن تكرار سرطان الكبد مع الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) في نطاق ما هو متوقع في المسار الطبيعي للمرض. ومع ذلك، فإن احتمال أن التدخل المبكر باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) بعد علاج سرطان الخلايا الكبدية يمكن أن يعرض البعض لخطر تسارع عملية تكون بعض البؤر السرطانية المتبقية بعد علاج الورم أو التي لم يتم تشخيصها. لذلك، من الضروري تحديد التوقيت المناسب لاستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs) في هذه المجموعة لتجنب هذه المخاطر، إضافة إلى ضرورة المتابعة الدورية بعد توقف العلاج.

بينما فيما يتعلق بـحدوث سرطان الخلايا الكبدية لأول مرة في مرضى التليف الكبدي الذين تم علاجهم باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)، فإن معظم التقارير المتاحة تتفق على أن مخاطر الإصابة بسرطان الكبد لا تزيد عن طريق العلاج مقارنة مع ما هو متوقع في المرضى غير المعالجين.

ووفقا لذلك وبما يتوافق مع التاريخ الطبيعي للمرض، فإن الخطر المتبقي لحدوث سرطان الخلايا الكبدية (HCC) خلال / بعد العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)_ يعتمد على مرحلة المرض أو التليف الكبدي والعوامل المساعدة والأمراض المصاحبة المعروفة ذات التأثير على خطر الإصابة بسرطان الكبد (HCC) في مرضى التهاب الكبد سي.

ولعل إحدى الملاحظات المثيرة للاهتمام، التي أكدت عليها ثلاث دراسات مختلفة على الأقل، هي أن ظهور سرطان الخلايا الكبدية لأول مرة مع الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة يتكرر بشكل أكثر وضوحُا في المرضى الذين لا يستجيبون للعلاج بالمقارنة مع أولئك الذين لديهم استجابة.

وتؤيد هذه الملاحظة وجود علاقة السبب والأثر بين سرطان الكبد (السبب) وفشل العلاج (الأثر) وليس العكس. ويحتمل في هؤلاء المرضى، أن تكون بؤر الورم المجهرية أو غير المشخصة موجودة عند بداية العلاج، وربما تكون قد ساعدت على مقاومة فيروسات التهاب الكبد للعلاج.

وقد يساعد العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)، على تسارع نمو بؤر الورم المجهرية أو غير المشخصة هذه أو انتشارها بسرعة أكبر بعد التوقف المفاجئ لتضاعف وانقسام فيروسات الكبد سي بعد استخدام العلاج.

وبناءً على الاعتبارات السابقة، يبدو من المنطقي أن نحرص على فحص مرضى التهاب الكبد سي (HCV) في المراحل المتقدمة لاستبعاد سرطان الخلايا الكبدية قبل البدء في العلاج باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات المباشرة (DAAs)، ومن ثم يتم متابعة إصابتهم بسرطان الكبد (HCC) خلال وبعد العلاج، بشكل مستقل عن النتائج الفيروسية.

كما أن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتأكيد ما إذا كانت مخاطر الإصابة بسرطان الكبد قد تنخفض تدريجياً بمرور الوقت بعد استئصال فيروس الكبد سي، قبل أن يتم رسم توصية حول ما إذا كان ينبغي مواصلة رصد ومتابعة دلالات الإصابة بالسرطان أو توقفها.

 

رابط الدراسة:

Increased incidence of liver cancer after successful DAA treatment of chronic hepatitis C: Fact or fiction?

دكتور أحمد الحسيني

طبيب متخصص في مجال طب وجراحة العيون- مستشفيات جامعة المنصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى